se

مع تنامي الدعوات المقترنة بالدعم المؤسسي لتوسيع القطاع الخاص وتمكين الشباب من إنشاء مشروعاتهم الخاصة، وقيادتها بأنفسهم لتحقيق النجاح، ولا سيما بعد البدء بمشروع التوازن المالي، والحد من ارتفاع الإنفاق العام، وإتاحة الفرصة لموظفي الحكومة والقطاع العام للتقاعد المبكر، وتقليص فرص التوظيف الجديد في تلك القطاعات، يثار تساؤل لدى قطاع واسع من الشباب كيف نجد الفرص الاستثمارية المجدية والتي يمكن أن نحولها إلى مشروع ناجح، مدر للربح بأقل فترة ممكنة، وبأدنى رأسمال؟. 

ولأجل تحفيز الشباب على بدء استثمار خاص مناسب بأقل تمويل ممكن، وتطوير مهاراتهم الإدارية، بدءا من تمكينهم من اكتشاف الفرص الاستثمارية التي تتناسب مع إمكاناتهم المالية ومهاراتهم المهنية والمعرفية، وتحقيق النجاح في إنشاء مشروعاتهم الخاصة، نقدم سلسلة مقالات للتعرف على كيفية اختيار الفرصة الاستثمارية المناسبة، واختيار الموقع الأنسب للمشروع، والخطوات الرئيسية لإنشاء المشروع، فضلا عن التعرف على أساليب ومصادر التمويل المتاحة، ثم التعرف على كيفية تصميم المزيج التسويقي للمشروع، وصولا إلى أنجع الأساليب لإدارة المشروع وتحقيق النجاح والتوسع، وقد أوضحنا في المقال السابق المنشور يوم الخميس 4 يوليو الجاري تعريف الفرصة الاستثمارية، والمتطلبات والاستعداد النفسي والمعرفي والمهاري الذي ينبغي أن يتأكد الراغب في الاستثمار من توافر معالمه، وفي هذا المقال نسلط الضوء على مجموعة من المعالم والمؤشرات التي منها نكتشف الفرص الاستثمارية المناسبة، مبتدئين من اقرب نقطة في بيئتنا المحلية، آخذين بعين الاعتبار أقل المشروعات كلفة، وقبل أن نبدأ ذلك لا بد من القول، إن الشخص يعرف إمكاناته وخبراته أكثر ممن سواه، كأن تكون لديك فكرة مشروع مميز، تنبع من تحصيلك العلمي وخبراتك المهنية فمثلا أنت خريج كلية الهندسة المعمارية، أو متخصص في برمجة الكمبيوتر أو اكتسبت خبرة متوارثة في مجال النجارة وصناعة الاثاث، أو غيرها من الصناعات التي عليها طلب مجتمعي، فهذا امر رائع ولست في حاجة إلى البحث عن فكرة أو فرصة استثمارية، بل انك بحاجة إلى المرحلة التي بعدها أي وضع خطة لتنفيذ مشروع في ضوء تخصصك وخبراتك مقرون بدراسة تفصيلية لكل ما يتطلبه ذلك. أما إن لم تكن تمتلك تلك المؤهلات وليس لديك فكرة مشروع محدد، فابدأ من الشارع، أو المنطقة التي تسكن فيها، ثم امتد إلى المناطق الاخرى القريبة منها وهكذا، ولاحظ المنتجات أو الخدمات التي تفتقدها ويوجد طلب عليها، مثلا: عدم توافر مصبغة لغسل وكي الملابس في منطقتك، عدم توافر سوبر ماركت، عدم توافر مخبز، عدم توافر مطعم، عدم توافر خدمات صيانة الاجهزة المنزلية، عدم توافر محل لبيع القرطاسية، عدم توافر محل لقص الشعر وتجميل النساء، وغيرها الكثير. كما ان من الفرص الاستثمارية ما يعد حلا لمشكلة تواجه شريحة من الناس، ذلك عن طريق ابتكار أو صناعة منتج جديد وتقديمه للشريحة المستهدفة مثلا: انت في منطقة تشتهر بزراعة الخضار والفواكه، وهناك كميات كبيرة من المنتج تفيض عن حاجة السوق وتتلف لصعوبة تخزينها، وصعوبة نقلها إلى محافظات بعيدة أو تصديرها إلى دول اخرى، أو ان نقلها يتطلب تكاليف تؤدي إلى ارتفاع سعرها ومن ثم يجعل من الصعب بيعها وتحقيق ربح لوجود منتجات مماثلة لها بأسعار اقل مثل انتاج الطماطم بكميات كبيرة يقود إلى التفكير في إنشاء مصنع لمعجون الطماطم، وانتاج خضراوات متنوعة (بامية، لوبيا، فاصوليا، كوسة، وغيرها) يمكن ان يقود إلى التفكير في إنشاء مصنع لتعليب وتجميد الخضر. كما يمكن أن تتمثل المشكلة في بعد المدارس عن منطقة معينة، الامر الذي يمكن ان يقود إلى التفكير في إنشاء مؤسسة لنقل الطلاب، وغيرها. 

ومن الفرص الاستثمارية التي يمكن ان نكتشفها في البيئة المحيطة بنا عبر مراقبة السوق المحلي وملاحظة النشاطات والخدمات التي عليها طلب متواصل، كالمطاعم، وخدمات صيانة السيارات، وخدمات غسل الملابس، ودراسة امكانية تكرارها مع بعض الاضافات والتحسينات، مثلا إضافة اكلات واطعمة اخرى غير متوافرة بالمطاعم المتوطنة في المنطقة، وإضافة خدمات غسل السجاد والبطانيات، وغسل مكيفات الهواء، وغسل وتنظيف البيوت والشقق، وغيرها. يوجد الكثير من المنتجات التي لم تتطور بعد، فإضافة خيارات اضافية لها قد توفر فرصا جديدة للاستثمار. كذلك ملاحظة النشاطات والخدمات التي يعمل فيها الوافدون من الباطن- التجارة المستترة (مثلا تأجير وإدارة الفنادق، المطاعم، الأسواق والمخابز، محطات غسل السيارات) فهي فرص استثمارية ضائعة على المواطنين.

كما يمكن ايجاد فرص استثمارية مميزة ومدعومة من قبل الدولة، عند انتاج بدائل الواردات، ويمكن ملاحظة بدائل الواردات من مصدرين رئيسيين: الاول: قوائم الواردات التي تعلنها وزارة التجارة والصناعة ويظهر فيها نوع وكميات واجمالي مبالغ واردات الدولة من السلع والخدمات، الثاني: زيارة مجموعة من الاسواق والمجمعات التجارية المحلية والاطلاع على معروضها من السلع المختلفة. وملاحظة جهة انتاجها، علما بأنه ليس اغلب الواردات سلعا معقدة التصنيع، بل القسم الاعظم منها يمكن تصنيعه محليا، كالملابس الجاهزة، والمشغولات اليدوية، والصور واللوحات الجدارية، والاطعمة المجمدة، وغيرها.

ومن الفرص الاستثمارية ما يمكن اكتشافها عند سفرك لمدن أو دول اخرى (الصناعات والانشطة الخدمية) في اسواق الدول المجاورة أو مدن كبيرة اخرى وغير متوافرة بمدينتك أو دولتك، فكثيرًا ما يحصل الناس على افكار لمشاريعهم من اسواق وبلدان اخرى، وغير متوافرة في بلدانهم ومدنهم (شريطة قابلية التنفيذ اجتماعيا وسياسيا وتمويليا في السوق المحلي). ويمكن الحصول على امتياز من مقدم الخدمة الاصلي أو شراء حق استخدام العلامة التجارية منه أو غيرها من الاساليب المعتمدة في هذا المجال. وللموضوع بقية في مقال قادم ان شاء الله.

error: Content is protected !!
ec