ما هو التسويق الاستراتيجي؟
لمعالجة التعريف الكامل للتسويق الاستراتيجي وتحديد معناه الحقيقي، من المهم أن نناقش أولًا المفاهيم التي يتكون منها هذا المصطلح. لا يمكننا أن نعرف ما هو التسويق الاستراتيجي إذا لم نفهم تمامًا ما الذي تشير إليه مفاهيم “التسويق” و “الاستراتيجية”.
تعريف التسويق
يعرف التسويق بأنه عبارة عن مجموعة من الاستراتيجيات المستخدمة لتسويق أحد المنتجات وتحفيز الطلب عليه.
يشمل التسويق على مجموعة من المبادئ والممارسات التي تسعى إلى زيادة الأرباح التجارية.
وفقًا لبعض أعظم الخبراء والباحثين بالموضوع:
“التسويق هو عملية اجتماعية وإدارية تحصل من خلالها المؤسسات والأفراد على ما يحتاجون إليه ويريدونه من خلال توليد وعرض وتبادل المنتجات القيمة مع أقرانهم” فيليب كوتلر
“التسويق هو تحقيق تلك الأمور التي تهدف إلى تحقيق أهداف المؤسسة، من خلال توقع متطلبات المستهلك أو العميل وتوجيه تدفق البضائع المناسبة للاحتياجات والخدمات التي يقدمها المنتج للمستهلك أو العميل” جيروم مكارثي
“التسويق هو نظام كلي لأنشطة الأعمال مصمم لتخطيط المنتجات التي تلبي الاحتياجات وتخصيص الأسعار وترويجها وتوزيعها على الأسواق المستهدفة، من أجل تحقيق أهداف المؤسسة” إيتزل – وولكر ستانتون
“التسويق هو عملية تتضمن: 1) تحديد احتياجات المستهلك، 2) تصور هذه الاحتياجات وفقًا لقدرة الشركة على الإنتاج، 3) توصيل هذا المفهوم لأولئك الذين لديهم القدرة على اتخاذ القرارات في الشركة. 4) وضع تصور للإنتاج الذي تم الحصول عليه وفقًا لاحتياجات المستهلك المحددة مسبقًا، 5) إيصال المفهوم المذكور للمستهلك” جون هوارد
“التسويق هو نشاط وعمل المؤسسات لإنشاء عروض وتقديمها وتبادلها، والتي يكون لها قيمة للعملاء والشركاء والمجتمع بشكل عام.” جمعية التسويق الأمريكية (AMA)
تعريف الاستراتيجية
الاستراتيجية هي مجموعة من القواعد التي تضمن اتخاز القرار الأمثل في جميع الأوقات.
وفقًا لبعض أعظم الخبراء والباحثين بالموضوع:
في عام 1944، ظهر مفهوم الاستراتيجية في العالم الأكاديمي والاقتصاد. وقد حددت الاستراتيجية على أنها سلسلة من الأفعال التي تنفذها الشركة، والتي يتم اختيارها وفقًا لموقف معين.
وذكر “بيتر دراكر” في كتابه “ممارسة الإدارة” عام 1954 أن الاستراتيجية تتطلب من الوكلاء تحليل وضعهم الحالي وتغييره إذا اعتبروا ذلك ضروريًا.
ألفريد تشاندلر، في عام 1962، حدد مفهوم استراتيجية العمل في عمله “الاستراتيجية كعنصر تحدد الأهداف الأساسية للشركة على المدى الطويل، وكذلك اعتماد مسارات العمل وتخصيص الموارد اللازمة لتحقيق هذه الأهداف.
خلال تلك السنوات نفسها، قدم كينيث أندروز تعريفًا جديدًا على الرغم من أنه مشابه جدًا للتعريف السابق: “تمثل الاستراتيجية نمطًا من الأهداف أو الأغراض، فضلًا عن السياسات والخطط الرئيسية لتحقيق هذه الأهداف، وتقديمها بطريقة تساهم في تحديد النشاط الذي تكرس له الشركة مواردها.
في عام 1965، قدم إيغور أنسوف تعريفًا جديدًا نظر فيه إلى الاستراتيجية على أنها الخيط المشترك بين أنشطة الشركة والمنتجات أو الأسواق. وهكذا تصبح الاستراتيجية قاعدة لاتخاذ القرارات، وخيط مشترك مع عدة مكونات: نطاق المنتج والسوق، النمو، والميزة التنافسية.
في عام 1975، عرّفها تاباتورني وجارنيو الاستراتيجية على أنها: “مجموعة من القرارات التي تحدد تماسك مبادرات وردود فعل الشركة تجاه بيئتها”.
والآن بعد أن أصبحت لدينا كل هذه المفاهيم، سأضع تعريفي الخاص للتسويق الاستراتيجي:
التسويق الاستراتيجي هو “فن تحليل الشركة والسوق لتحديد نقاط الضعف والقوة والتهديدات والفرص، وكذلك وضع خطط العمل اللازمة لتحقيق أهداف التسويق بطريقة مثالية”.
الهدف من التسويق الاستراتيجي هو تلبية الاحتياجات غير الملباة والتي توفر فرصًا اقتصادية مربحة للشركة. يجب على خبير التسويق عند العمل في الجزء الاستراتيجي من التسويق اكتشاف أسواق جديدة لمعالجة وتحليل جاذبية هذه الأسواق وتقييم دورة حياة المنتجات التي ستعمل بها ودراسة منافسيه وإيجاد ميزة تنافسية تدوم مع الوقت وبالطبع يصعب تقليدها عن طريق المنافسة.
أهداف التسويق الاستراتيجي
يعد البعد الاستراتيجي للتسويق جزءًا من الاستراتيجية الشاملة للشركة، فضلًا عن كونه جزءًا أساسيًا من أي خطة تسويقية.
قبل صياغة الاستراتيجية التسويقية للشركة، يجب أن تكون لدينا قاعدة صلبة من العمل وأن نحصل على المعلومات من خلال الأبحاث والدراسات السوقية، لنكون واضحين حول مكاننا وأين نريد أن نكون، ويجب تحليل الشركة وقيمها، ذلك بهدف معرفة نقاط القوة والضعف لدينا، بالإضافة إلى التهديدات والفرص المتاحة في السوق.
من الضروري الحصول على المعلومات وإجراء تحليل شامل للوضع لوضع استراتيجياتنا فيما بعد بطريقة فعالة. وتكون المهام الرئيسية للتسويق الاستراتيجي هي:
- تحليل عادات المستهلك والاتجاهات الجديدة.
- دراسة المنافسين.
- مراقبة تطور الطلب.
- كشف احتياجات العملاء الجديدة.
- دراسة فرص السوق والتهديدات.
- خلق ميزة تنافسية مستدامة.
- دراسة قدراتنا على تكيف الشركة مع السوق.
- تحديد استراتيجية التسويق التي تسمح بتحقيق الأهداف التي حددتها الشركة.
أمثلة على التسويق الاستراتيجي
صناعة الساعات في سويسرا
منذ الحرب العالمية الثانية، كانت سويسرا دائمًا رائدة في صناعة الساعات عالية الجودة. ولكن في بداية الثمانينيات، حدثت واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ صناعة الساعات السويسرية، حيث عانت من انخفاض في مبيعات الساعات الفاخرة.
كان أحد العوامل الرئيسية التي أثرت على الصناعة تلك الجوانب المتعلقة بعادات شراء العملاء الجديدة وظهور ساعات مصنوعة في أسيا (اليابان وهونج كونج) منخفضة التكلفة وذات نوعية جيدة حققت نجاحًا تجاريًا.
شعرت الشركات السويسرية المصنعة للساعات بالقلق إزاء فقدان حصتها في السوق، فقامت بتحليل ما كان يحدث في سوق الساعات وما هي توقعات العملاء. وبفضل التسويق الاستراتيجي، ابتكروا استراتيجية تسويقية جديدة ليتكيفوا مع حاجة جديدة اكتشفوها.
كانت الساعات الرقمية الآسيوية منخفضة التكلفة ولكن كان لها تصميم تقليدي، فجميعها كانت سوداء وداكنة وكلها تشبه بعضها. فكانت استراتيجية التسويق الجديدة هي الاستمرار مع إنتاج الساعات الفاخرة ذات الجودة العالية المتميزة في سويسرا. لكن من ناحية أخرى، اتبعوا استراتيجية لإطلاق منتجات جديدة للتنافس مع الساعات الأسيوية. سيكون لهذه الساعات السويسرية الجديدة سعر في متناول العملاء وتتميز بتصاميم مبتكرة وألوان جذابة ومشرقة لتنافس الصورة التقليدية للساعات الآسيوية. لقد قاموا بإنشاء فئة جديدة من المنتجات داخل السوق. وهكذا ولدت علامة تجارية جديدة هي”سواتش Swatch“.
شركة تويوتا اليابانية لصناعة السيارات
رأى مصنعو السيارات كيف كان هناك شريحة من السكان كانت بقلق متزايد إزاء البيئة والزيادة المستمرة في أسعار الوقود والتكيف بسرعة مع التغيرات التكنولوجية الجديدة.
بالنظر إلى هذا الوضع، قررت تويوتا إطلاق طراز بريوس Prius، وهي سيارة هجينة تستخدم الكهرباء والبنزين. تقلل هذه السيارة البيئية من التأثير الضار البيئي من خلال استهلاك وقود أقل وتنبعث منها كميات أقل من الغازات الضارة بالبيئة. كما أنها تأخذ في الاعتبار التكلفة التي يتحملها المستهلك، حيث أن الطراز الهجين يستهلك وقودًا أقل.
منذ إطلاقها في عام 1997، أصبحت تويوتا بريوس سيارة مستدامة بامتياز. وفي عام 2005، تم إعلانها سيارة العام في أوروبا وأمريكا.
تعد شركة تويوتا بسيارتها الهجينة من طراز بربوس مثالًا جيدًا على كيفية العمل بشكل صحيح وفق خطة التسويق الاستراتيجي. فقد كانت الشركة قادرة على اكتشاف واستغلال حاجة كامنة في السوق، مثل امتلاك سيارة تأخذ في الاعتبار المعايير البيئية، وكانت أيضًا أرخص بكثير في استهلاكها للوقود.
الخلاصة
كما رأينا، فإن أي شركة، بغض النظر عن حجمها، تحتاج إلى العمل في مجال التسويق الاستراتيجي لزيادة قدرتها التنافسية التجارية. تركز العديد من الشركات على العمل في التسويق التشغيلي قصير الأجل دون تحديد الرؤية الاستراتيجية أولًا من خلال التسويق الاستراتيجي، وهذا خطأ كبير يجب تجنبة.